الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

بكاء الآس بقلم وليد.ع.العايش

( بكاء الآس )
-------------
خيوط المساء تروي قصتها على ضفة رابية مازالت في أوائل ربيعها ، طيور السماء تنسج آخر تغاريدها قبل أن تبدأ رحلة المغادرة ، غيوم ملونة تبث بعض حكايا قديمة ، شاب مازال يحتفي بقطرات العمر الأولى ، يتأبط حزمة خضراء ، الطريق تبدو قاحلة ، التصحر يغزو الثرى منذ سنوات عجاف ، أوراق شجرة الزيتون تحترق رويداً رويداً ، إمرأة فاتها قطار الزمن تعاند قهر سويعات المساء ، المقل مبتلة كزورق يتيم في بحر أعرج ، ربما كانت تحلم بشيء ما في تلك الأمسية ، تنكسر سنابل القمح على رصيف مترع بصور قزحية ، صراخ الطفل لم ينفع بعرقلة مسير الأنثى ، التفت إليه الشاب ، يتشبث بيده الفارغة ( أريد اللحاق بأمي ) قال الصغير ، ( هناك أبي ينتظر الغصن الأخضر وقطرات مياه وينتظر وصولنا ) تابع الطفل حديثه واللهاث يداعب أنفاسه ، ازداد ضغط الشاب على يد الطفل الطرية ، خيوط المساء وصلت لروايتها الأخيرة ، الغيوم تتراصف على ركن سماء أصابتها عدوى التصحر ، الطيور تختفي خلف جدران أندلسية ، على ضفة الرابية التقى الثلاثة ( عودوا من حيث جئتم ) قالت الرابية ، الهمسات تتقهقر على صرير كلماتها ، العيون تستجدي السماء ، يعاود الطفل صراخه ، لكنه هذه المرة نادى أباه القابع في منعطف صغير ، الشاب يغرق في كلمات أمه المنتظرة على بعد أمتار بدت دهوراً ، المرأة تمسح رأس صغيرها ، وضع الجميع أغصان الآس على ضفاف الرابية ، قبل أن يشيحوا بوجوهم إلى المدى المرتعش ، غصن الآس يخفي دموعه بين ثنايا وريقات داهمها الشحوب منذ قليل فقط ...
________
الآس : شجر سوري يضعه السوريون على قبور موتاهم في الأعياد .
وليد.ع.العايش
12 / 9 / 2016م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق